غير مصنف

خصومة حقيقية بين الدولة العميقة والقوى الاجتماعية المهمشة بقلم  ظافر الخطيب

ان تسطيح العبور الفلسطيني من منطقة الإحباط والتشاؤم الى الحركة نحو العدالة والحرية لا يفيد في التعامل مع الحالة الفلسطينية الراهنة في لبنان، هو لا يفيد حكماً مصلحة لبنان (الديمقراطي الإنساني )، كما لا يفيد  مصلحة اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، و كذلك الامر تسييس الحركة السياسية والذهاب بعيداً عن جوهرها الذي يكمن اصلاً في التناقض الحاد بين منطق و سلوك الدولة العميقة في لبنان و طموحات الجماهير الفلسطينية في لبنان.

قد تستطيع تسوية ما هنا او هناك، بغض النظر عن مدى عدالتها و مدى قدرتها على تحقيق مكتسبات للجماهير الفلسطينية في لبنان،تهدئة الناس،  وقد تكون المعادلة امام منطق  لا غالب ولا مغلوب حرصاً على ( التوازن اللبناني الداخلي)، وعدم مصلحة بعضهم وبعضنا في نجاح حركة الجماهير الفلسطينية المحتجة على الظلم واللاعدالة التاريخيين، لكن ما لن تفلح في تغييره هو حقيقة أن الفلسطينيون ادركوا ماهيتهم و استطاعوا بفعل  وبفضل قرار واستراتيجية معالي الوزير الخروج من اسر الدائرة الأمنية الى مواجهة اغراض الدولة العميقة من سياساتها اتجاه اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

اذا صار لا بد هنا  العودة الى القاعدة الأساسية، التي تكمن في الخصومة الحادة بين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، باعتبارهم قوة اجتماعية مهمشة ممنوعة من اكتساب حقوق، وبين قوانين، اجراءات ، سياسات ، اعراف و تقاليد سلطوية تعبر عن رؤية قديمة متجددة لسلطة سياسية (الدولة العميقة) تضغط على الفلسطيني في كل مجالات الحياة، وهو ما تعامل معه الفلسطينيون من من خلال قواه السياسية بطريقة سيئة، من خلال مراعاة التركيبة اللبنانية والتوازن اللبناني ، اي الإرتهان لحركة المعادلة اللبنانية و اعتباراتها وأولوياتها دون احترام الحد الادنى من اولويات ومصلحة المجتمع الفلسطيني.

وفي حين أن الفلسطيني في نظرته للبنان تغيرت كثيراً عن السابق، من موقع التزامه احترام سيادة الدولة اللبنانية و الالتزام بقوانينها فإن  هذا التغيير لم يترافق مع تغيير مقابل من السلطة، تغيير تستوعب فيه السلطة  الفلسطينيين على قاعدة حقوق انسانية مع حفظ الهوية الثقافية  الوطنية الفلسطينية والهدف السياسي (العودة الى فلسطين)، وهو ما كان يحتاج الى تسوية حقيقية وواقعية يتنازل فيه الطرفان لمصلحة انتاج رؤية مشتركة واستراتيجية منافع متبادلة

ان الحالة النزاعية مع السلطة (سياساتها وقوانينها)، يجب ان لا يكون باي حال من الاحوال على حساب الحالة الصراعية مع العدو الصهيوني أو على حساب حق العودة، فالمفترض ان تسوية الحالة النزاعية يجب ان يكون لخدمة الصراع الاساسي مع العدو، ذلك أن المنهج المعتمد (الخلط بين حق العودة والتوطين من جهة والحقوق من جهة ثانية)، إنما هي واجهة لها اغراض مختلفة تماماً.

وعليه فإن المطلوب من الجهات الفاعلة و تحديداً القيادة السياسية بصفتها واهمية موقعها:

  • الوضوح السياسي من موقع الانحياز الكامل للناس ، وربما كان ما تفضل به سعادة السفير البارحة حول الحقوق الكاملة اساس في بناء خطاب سياسي موحد شكلاً ومضموناً .
  • ابقاء هيئة العمل الوطني في حالة انعقاد دائم.
  • تحويل الحركة الشعبية بفاعلياتها الميدانية باتجاه الحقوق المدنية والاجتماعية الى حالة دائمة وليس مؤقته تنتهي بانتهاء القرار ، بل يتم توظيفها لمصلحة كل الحقوق .
  • تطوير عملية التنسيق بين المستوى السياسي والشعبي من خلال تشكيل قيادة مركزية موحدة وقيادات مركزية
  • دعوة القوى اللبنانية المساندة الى تظهير مواقف سياسية واضحة والانتقال إلى  الفعل الميداني المؤيد ، ذلك ان القوى اللبنانية المؤيدة يجب ان توفر الغطاء السياسي والقانوني للحركة الشعبية الفلسطينية .
  • وعلى القوى والشخصيات اللبنانية المساندة ، الانتباه للأورام الخبيثة الي يعبر عنها من خلال الأصوات الشعبوية التي باتت تستعيد خطاب الغرباء ، و التي من شأنها أن تخلق تحريض و تعبئة عنصرية معادية قادرة على خلق نزاع جديد لا سيما وأنها تنشط في بيئة خصبة، والتصدي لها بحزم حتى ولو تطلب الأمر اللجوء الى القضاء اللبناني.
  • اخيراً ، هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض، وبما أننا إزاء حالة نزاعية فإن المطلوب ليس الدخول في عملية حوار بل عملية تفاوض مع الاطر الرسمية اللبنانية، مدخلها حقوق و خاتمتها عدالة ومساواة .

وهنا تأتي اهمية المكاشفة الدائمة للجماهير الفلسطينية حول ما يدور من نقاش مع الأطراف اللبنانية، فمن شأن عدم مصارحة الناس ، ان يلقي ظلال من الشك، لا سيما في ضوء تصريحات ملتبسة قد تفهم على غير وجهها الحقيقي. فهي الجماهير المعطاءة، التي تمتلك قدرات عظيمة، مستعدة الان وغداً للعمل المشروط بصدقية العمل والتحرك و قداسة القضية .

زر الذهاب إلى الأعلى