غير مصنف

رب ضارة حكومية نافعة فلسطينية بقلم ظافر الخطيب

نعم ، فاستراتيجية وزارة العمل الاخيرة ساعدت من حيث لا تدري في توليد حيوية فلسطينية، وأمنت الإنتظام الفلسطيني خلف شعار الحقوق ولا شيء غير الحقوق ، وهو ما يمكن أن يقرأ كإمكان حقيقي وواقعي لتحويل المشكلة الى فرصة فلسطينية بعد أن غرق الفلسطينيون في بحار الإنقسام الفلسطيني و التردي العربي والإنهيار القيمي العالمي والممارسات اللاانسانية في التعامل معهم في لبنان.

هذا في مبتدأ الخبر أما في مضمونه فإن هناك الكثير مما يجب أن يقال و يجب في مقال ما يقال ضبط الحروف فاصل، نقطة انتهى. وأول ما يجب وفي سبيل معرفة الحقيقة هو تحليل خطوة وزارة العمل او استراتيجية وزير العمل، والذهاب نحو الإستدلالات السياسية، فكل شيء ينتهى عند السياسة، ومن ثم العودة الى المستوى الفلسطيني حيث وجوب الفعل والتحرك ، حيث وجوب ضبط الساعة الفلسطينية الجماعية عند توقيت الخطر الوجودي كناظم لضبط الحراك الفلسطيني .

و التحليل لا يكون مجدياً اذا لم يبنى على اسئلة ضرورية ترعي الذهنية السياسية في لبنان وتراكيبها المعقدة، حيث منها ما يعوم على سطح البحر اللبناني ومنها ما يظل في السراديب المغلقة او خلف الكواليس.

واول هذه الاسئلة هي التي تتعلق بشكل ومضمون استراتيجية وزارة العمل في التعامل مع العمالة الأجنبية(الفلسطيني هنا أجنبي) أو بالمعنى اللبناني التقليدي عند بعض اللبنانيين هو (غريب)، ومن موقع الترتيب المنهجي لهذه الاسئلة من تحت لفوق يمكن طرح الأسئلة التالية :

  • شخصية معالي الوزير و خلفيته السياسية
  • مرجعية الوزير السياسية (الجهة التي ينتمي لها)
  • هل نفذت هذه الاسترتيجية بمعزل عن استشارة الجهة المرجعية
  • ولمصلحة من تحديداً ، هل هي لمصلحة لبنانية ام أن هناك هدف سياسي يخص الجهة المرجعية ، خاصة في ظل ما قيل عن (بازار المزايدات الشعبوية)، أم أنها تتقاطع مع مصالح اقليمية وما فوق؟

غير أنه ومن باب تحويل التهديد، المشكلة الى فرصة فإن من ميزات الخطوة الوزارية الاخيره انها :

  • حققت الوحدة الشعورية الفلسطينية في لبنان، فكل المخيمات هي في مرمى الإستهداف، و ليس ذلك فحسب، بل أن كل الفلسطينيين داخل وخارج المخيمات هم سواء أمام القانون اللبناني.
  • وضعت الفلسطينيون أمام السلطة اللبنانية وليس في مواجهة الأجهزة الامنية وهو ما يعيد المحتوى السياسي ، الدستوري، الاقتصادي والإجتماعي لازمة العلاقة اللبنانية الفلسطينية.
  • اعادة اكتشاف الإرادة الفلسطينية الجماعية بسرعة قياسية ، والفاعلين في المجتمع الفلسطيني، العارفين بشؤونه يعرفون ازمته الداخلية التي كان يعاني منها بحيث افقده البوصلة ودفعه باتجاه التوقع الداخلي او الإغتراب عن الفعل والتفاعل حول قضيته وقضاياه الرئيسية.

إزاء ذلك ينبغي بالقيادة الفلسطينية سرعة التحرك واستيعاب الحراك الفلسطيني من خلال تأمين الغطاء السياسي الكافي، هذا على فرض أنهم ممثلون جيدون للمجتمع الفلسطيني، وذلك ما لن يتم بدون فهم جوهر الحركة الفلسطينية و مطالبها الأساسية، و يخطىء من يفصل بين الحركة الفلسطينية وبين المطالبة بالعيش بكرامة، و أيضاً يخطىء من يعتقد ان سبب الحراك يرتبط فقط بوزارة العمل، هذا الفهم هو تقزيم بائس لا يمكن ان يتتج سوى احباط جديد.

لقد عانى الفلسطينيون كثيراً من تصاعد المد الشعبوي في لبنان، وكان يفترض بالقيادات الفلسطينية أن تستشعر الخطر الوجودي القادم، وذلك من خلال استشراف موقعية الفلسطيني في الخطاب الشعبوي، فمخاطر الخطاب الشعوبي أنه يخلق قاعدة متطرفة للسلوك(الوجود الغريب عن المجتمع اللبناني)، وهو ما ينذر باجراءات جديدة، غير تلك التي تختص بوزارة العمل.

وعليه فإنه ولتوجيه الجهد الفلسطيني الإحتجاجي بما يؤدي الى تحقيق حداُ معقولاً من اهدافه ينبغي:

  • استثمار اللحظة الفلسطينية العاطفية (ردة الفعل) في سياق حساسية الأولويات اللبنانية واعتباراتها.
  • الدفع بشعار الحقوق كل الحقوق للاجئين الفلسطينيين وعدم الاكتفاء بالمطالبة بتراجع الوزير او الوزارة عن استراتيجيتها، على اعتبار ان التناقض مع السلطة اللبنانية (التوطين وعدم الاعتراف بالوجود الفلسطيني)، فهي التي امنت الغطاء لوزارة العمل .
  • عقد مؤتمر فلسطيني لكل الفاعلين على المستوى السياسي ، الاقتصادي ، الاجتماعي ….، وينبثق عنه خلية ادارة يومية و قياداات ميدانية ، يمكن الإستفادة من تجربة الإنتفاضة الاولى في فلسطين.
  • وضع برنامج يحدد المطالب الفلسطينية على قاعدة التفاعل الإيجابي بجوهره المدني بابعادة السياسية، الاقتصادية ، الاجتماعية مع المجتمع اللبناني .
  • تأمين غطاء لبناني مساند وصديق، وحتى الآن هناك مواقف ايجابية خرجت ترفض الاجراءات وتطالب بالحقوق المدنية والاجتماعية وعليه فإنه يمكن العمل على مؤتمر لبناني موازي داعم للفلسطيني .

ان للقيادة عناصرها و شروطها ، اولها ان تكون عين الشعب وقلبه و لسانه، والهبة الجماهيرية لها  مطالبها، وعلى القيادات الفلسطينية ان تكون بمستوى هذه اللحظة الفلسطينية، او فالتسارع القيادات الميدانية الى خلق هيئاتها الميدانية كمعبر عن حقيقي عن الإنسان الفلسطيني

زر الذهاب إلى الأعلى