غير مصنف

ممارسة عملية و جماعية لاستراتيجية حق العودة بقلم ظافر الخطيب

ليست هي المرة الاولى التي يكون فيها الانسان الفلسطيني امام مفترق نوعي او محطة حاسمة، فعلى مدى التاريخ كان هناك شبيهات صفقة القرن، او بمعنى ادق لكل عقدٍ صفقته، و ربما و من باب الإفتراق عن مثل هذه الصفقات اصبحنا في حاجة الى انسان فلسطيني جديد بحركة فلسطينية جديدة لا تنشغل سوى بانتاج صفقة فلسطينية و ممهورة بامضاء فلسطيني تراعي مصلحته و تعليها فوق كل اعتبار

و تحتل صفقة القرن مركز الصدارة في الإهتمام  المحلي ، الاقليمي و الدولي، غير أن الإهتمام الاول يبقى دون ريب لطرفين اساسيين في الصراع ، الشعب الفلسطيني المتضرر استراتيجياً ، و دولة الكيان ، المنتفعة الاكبر والاول من ذلك، و  من العبث تصنع الثقة الزائدة بالنفس لا سيما في ظل انهيار السقف العربي و تغول الدعم الامريكي في ظل ادارة ترامب و الضعف الفلسطيني الناتج عن مأزق الرهانات من جهة وعلى استمرار الإنقسام من جهة اخرى.

وفي لبنان كثرت  حركة الإجتهادات والتفسيرات و التنبؤات والتي تذهب بمعظمها نحو التفسيرات السلبية المتشائمة، والتي تصل عند الغالبية نحو اعتبار فرض التوطين على الفلسطينيين واللبنانيين معاً، غلى الرغم من أن هذا التفسير لا يأخذ بعين الإعتبار عناصر القوة الي يمتلكها الموقف اللبناني والتي تجعل منه عقبة كبيرة بوجه التوطين، غير أن ذلك لا يعني أن الطرف اللبناني مستعد للإنخراط في استراتيجية مشتركة للمواجهة ، فهذه تفرض على الطرف اللبناني تغيير قاعدة التفكير بالوجود الفلسطيني و مساره.

من هنا فإن هناك حاجة الى البدء في تحريك نوعي على المستوى الفلسطيني العام وفي لبنان بشكل خاص ،و لكن قبل ذلك ينبقى الاشارة الى ان الامر  على المستوى الفلسطيني العام  يحتاج الى المزيد من التأني و التدقيق ، لا سيما و أن هناك قدر كبير من التسرع في تفشيل صفقة القرن و مولوده الأول ، مؤتمر البحرين (السلام من اجل الإزدهار)، و مقتضى التسرع يرتبط  بشكل رئيس بالتالي:

  • ان مؤتمر (السلام من اجل الإزدهار)، هو الحلقة الاولى و أنه سيخرج بنتائج محددة يتبعها لاحقا اليات عمل يجري انضاج شروط تحققها .
  • أن ادارة ترامب لم تكن لتجازف بالانتقال الى التطبيق لو لم تكن تملك خطة مدروسة لها لاعبيها و عناصر قوة محددة، يوازيها معرفة بطبيعة المعيقات التي تمنع او تعرقل تنفيذ الخطة .
  • إن ترامب يمتلك حظوظ قوية في الفوز في الانتخابات القادمة، وبالتالي يمتلك حيثية الوقت ، يضاف الى ذلك أنه ليس هناك ما يؤكد على أن أي رئيس ديمقراطي قادم، سينقلب على ما تحقق، فالعرف الأمريكي يحترم الموروث (باستثناء ترامب طبعا).
  • توفر مظلة عربية منصاعة تماما من موقع حاجتها للحماية الامريكية، وهي مظلة قطعت شوطاً في اعادة انتاج خطاب سياسي يضع اسرائيل في موقع الحليف وليس في موقع العدو.

وعليه فإن واجب الوجوب يقتضي :

  • وعي المخاطر الحقيقية من وراء  صفقة القرن ومولودها الأول (السلام من اجل الإزدهار)، وهذا يقود الى اهمية سيادة منطق التفاعل الإيجابي ذات الصبغة الهجومية ، بعكس واقع الحال الذي يحمل شبهة التفاعل السلبي من خلال الإنفعال الوقتي المرتبط بالحدث.
  • على اعتبار ان الفعل من جنس الخطر، فإن تحسس المخاطر الوجودية يجب ان يؤسس لحالة طوارىء فلسطينية، ينخرط فيها كل مكونات الشعب الفلسطيني و اصدقائه على مستوى الإقليم والعالم اجمع.
  • ان خطة الطوارىء يجب ان تمهد لاستراتيجية مواجهة فلسطينية تعتمد كل الوسائل المتاحة ، و الحاجة للإستراتيجية ترتبط بمسالة ان اسقاط صفقة القرن و اخواتها يحتاج الى بذل جهود كبيرة.
  • ان الخطاب المعتمد حالياً يركز على مصطلح (فشل)، وهناك فرق بين فشل وإفشال أو إسقاط، ذلك أن هناك فارق كبير في ظلال المعنى، ففي حين أن الأول يعني ان (الفشل)،إنما ياتي كنتاج لضيق افق المنظمين والرعاة ، بالاضافة الى غياب الممثل الفلسطيني عن المؤتمر ، في حين أن مصطلحي (إفشال او اسقاط) يعنيان المسؤولية الفلسطينية في صياغة استراتيجية وخطة المواجهة و في تأمين عدة الشغل المناسبة.

وعلى الرغم من قتامة المشهد الوطني ، الاقليمي ، الدولي، و على اهمية رصد المخاطر الحقيقية ، فإن ما يحدث فعليا و ما قد ينتج عنه، يحمل في ذات الوقت إمكان تحويل التهديد والخطر الى فرصة حقيقية تحقق قوى دفع جيدة للقضية الفلسطينية ، وهي مسؤولية ليست ملقاة على عاتق المرجعيات القيادية الفلسطينية فقط  ، بل  الى مساهمة كل مكونات الشعب الفلسطيني و حلفائه.

إن الرفض الفلسطيني الشامل هو موقف جيد، لكنه يحتاج لتأكيد جديته الى استعادة ابجدية الدور الفلسطيني في الصراع، لانه الوحيد القادر على التوازن ازاء المشروع الأمريكي ، الاسرائيلي ،العربي، مستفيدا من تردد بعض القوى الدولية والإقليمية في الانخراط ، وذلك يعود الى الهوامش التي يتيحها تناقض وتعارض المصالح،  على ان ذلك لن يتم قبل الدخول في مراجعة شاملة لكل المسار السابق، فالثابت هو أن صفقة القرن، ليست يتيمة الابوين، فهي ولدت في معرض قبول منطق التسويات الغير عادلة للقضية الفلسطينية.

ومن موقع التواضع في تحديد قدرة البنية الفلسطينية الحالية على الإستجابة لما هو مطلوب، فإن يحتاج جهود اضافية ضاغطة من قبل قوى المجتمع ، خاصة وأنها تبدو اقدر على الخروج من التقاليد الفلسطينية السالبة وفي ابتكار وسائل جديدة جاذبة وفعالة في مواجهة المشروع الامريكي.

وبالعودة الى لبنان، فإن هناك مخاوف مشتركة لبنانية وفلسطينية، لكن كما سبق وذكر، وربما يعتقد اللبنانيون أنهم بمفردهم قادرين على المواجهة، استناداً الى قراءة لعناصر القوة التي يمتلكونها، و بشكل خاص المقاومة، غير أن هذا الامر قد يكون ناتج عن عدم رغبة المستوى الرسمي في الدخول باستراتيجية مواجهة مشتركة، إذ ان ذلك قد يؤدي الى مقاربة الوجود الفلسطيني بشكل مختلف عن الطريقة التقليدية، من هنا تبرز الحاجة ايضا الى ان يتفق الفلسطينيون فيما بينهم اولا على الاستراتيجية الفلسطينية في لبنان وعدم الاكتفاء بالانشطة المشتركة.

ان اكثر ما تخاف منه (اسرائيل) هو حق العودة، و هو بالمناسبة اكثر الشعارات قدرة على توحيد الفلسطينيين، غير أنه أصبح شعاراً ممجوجاً لكثرة استخدامه دون أن يقترن بالحركة النضالية للجماهير الفلسطينية، من هنا فإن المطلوب هو حركة اكثر ثورية، وليس هناك من حركة اقل تأثيراً من طرح استراتيجية ممارسة حق العودة، و اخراج حق الفلسطينيين في التوجه نحو الحدود من حيز تفسيرات  ال1701، فمن حق الفلسطينيين التوجه بشكل جماعي نحو الحدود اللبنانية الفلسطينية، وربما تكون الدعوة لاقامة مخيم فلسطيني على الحدود اللبنانية الفلسطينية واحدة من اهم حلقات اسقاط صفقة القرن ومفاعليها، وهو ما سيضع الطرفين اللبناني والفلسطيني امام امتحان جدية المواقف او ….

 

زر الذهاب إلى الأعلى