غير مصنف

بين الحصار في غزة والإرتهان في لبنان

 

بين الحصار في غزة والإرتهان في لبنان

بقلم : ظافر الخطيب
يشعر المرء بانقباضٍ شديدٍ و هو يتتبع المقالات المنشورة في الصحف الفلسطينية داخل الوطن المحتل، إذ أنها تنتقل بسرعة كبيرة بين غزة،تل ابيب،القاهرة، وفي احيان قليلة تعرج الى الدوحة وأنقرة في إشارة الى المؤثرات الإقليمية التي تؤثر في صناعة القرار في حركة حماس.
وفي خضم هذا التسارع تغيب عواصم عربية لطالما كانت فاعلة أو مؤثرة في مسار القضية الفلسطينية، وهي بغيابها لا تشير الا انكفاء فقط ، بل تحمل اكثر من ذلك بكثير، وما يعمق الإحساس بالإنقباض هو تراجع موضوع المصالحة عن دائرة الإهتمام وهو ما يطرح دلالاته التي توغل عميقاً في احتمالاتها السلبية،وربما كانت تشير في ذات الوقت الى انها قد تكون ايضاً الية متعمدة بهدف الضغط على القوى الفلسطينية الفاعلة والمؤثرة نحول المزيد من التنازل على قاعدة اقل الممكن مفيد.
ان تزامن اجتماعي المكتب السياسي لحركة حماس والكابينت الصهيوني له دلالاته ايضاً، خاصة وأن العنوان محل بحث الطرفين هو واحد، الهدنة او التهدئة الطويلة الاجل، اعادة تأهيل غزة وفك الحصار عنها، وحين يصير هذا العنوان ، عنواناً اساسيا للبحث، فإن ذلك يعني ان هناك تفاصيل تحتاج الى البت والإقرار، أن الطرفين يرى في بعض المعروض فائدة انية واستراتيجية له، فماذا عن المصلحة الفلسطينية العليا؟ من هي المرجعية الصالحة لتحديد ماهية المصلحة الفلسطينية العليا؟ وهل ما زالت المصلحة الفلسطينية العليا هي المعيار الذي يجري قياس مدى فائدة وجدوى الصفقة المعروضة، على فرض أنها صفقة وليست حلاً دائماً؟
ثم ماذا عن لبنان؟ او بمعنى أدق ماذا عن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان كعنوان مباشر للاجئي الشتات، لماذا يغيب الفلسطينيون عن الإهتمام المباشر؟
لطالما شعر الفلسطينون في لبنان أنهم في دائرة الإستهداف، وهو ليس بالامر الجديدا، بل يمتد الى ما قبل اوسلوا، وتحديداً منذ ما بعد الإجتياح الصهيوني، غير أنه وصل عند تخوم الإهمال الشامل الذي يقارب حد التخلي و رفع الغطاء، وهو ما يطرح اسئلة من نوع مختلف عن الأسئلة الغزاوية من حيث الشكل ، لكنه يضفي شكوكاً مشابهة عن مصير الفلسطينيين في لبنان ارتباطاً بالمصلحة الفلسطينية العليا، وربما يأتي الوقت الذي تتكشف فيه تفاصيل عن ما يدور بحثه في ملف الفلسطينيين في لبنان، غير أن استهداف الأنروا ووظيفتها اسرائيليا وامريكيا، قد يقدم اجابة مختصرة عن شكل الإستهداف لقضية اللاجئين الفلسطينيين عامة وفي لبنان على وجه التحديد.
إن تهافت المواقف الفلسطينية وصل مرحلة تبنى تفريع القضية الكبرى الى قضايا محلية(غزة،الضفة،لبنان،سوريا،القدس،مناطق 48…الخ)، لذلك لم يعد مستغرباً وفي ظل تجذرحالة الإنقسام ان يتم بحث القضايا المتفرعة ،كل قضية بحسب خصوصيتها وبطريقة يعتبرها الفلسطينيون في الساحات المختلفة مكسباً او خلاصاً.
غزة ولبنان نموذجين واضحين أمامنا، واذا كان الغزيون قد طرحوا معادلة مسيرة العودة كرافعة نضالية تخدم غرض فك الحصار عن غزة(الاتهام الموجه لحماس)، فماذا طرح الفلسطينيون في لبنان؟
يستمر الفلسطينيون في لبنان بالتماوج بين الإرتهان لشلل القيادات السياسية الفلسطينية و للحالة السياسية اللبنانية صعوداً وهبوطاً، وهو ارتهان تحول الى سجن حقيقي يحد من حرية الحالة السياسية الفلسطينية في لبنان، كما يمنعها من خلق فرصها للحركة النضالية سياسياً ومطلبيا، بما يجعلها رافعة تستعيد التوازن النفسي والمعنوي والسياسي .
وبين واقعتي الحصار في غزة و السجن في لبنان، بغض النظر عن اللاعبين الفاعلين في اتجاهاتها، مؤامرةً كانت ام استهدافا، او تعبيراً عن تكثف مصالح الاطراف الفاعلة والتقائها في بعض الاحيان ولو مرحلياً، فأنه يمكن القول ان عنواني المقاومة و العودة هما المطروحان للنقاش و التفاوض لا اكثر ولا اقل.

زر الذهاب إلى الأعلى