أبرز الاخباررسالة الأسبوع

في ألف باء العقل المؤسساتي في الأنروا

في أثناء زيارة المفوض العام للأنروا ولقائه مع المؤسسات الفلسطينية أو العاملة في الوسط الفلسطيني، قدم رئيس الهيئة الإدارية لجمعية ناشط الثقافية الاجتماعية مداخلة تركزت عدم مهنية الأنروا من حيث التفكير والتخطيط ومن ثم التنفيذ في التعامل مع الأزمة وتداعياتها، الأمر الذي أدى إلى إضعاف تأثيرها وحضورها بحيث تقدمت عليه مؤسسات فلسطينية من حيث سرعتها في التعامل مع الأزمة، لا بل أكثر من ذلك، لم يشعر اللاجئ الفلسطيني في لبنان أن هناك تغييراً ما قد طرأ على طريق عمل الأنروا ولا على خدماتها وربما يمكن ذكر الكثير من الأمثال الدالة على غياب الأنروا.

ونظراً لأهمية المداخلة، من حيث أنها انتقدت مباشرةً المدير العام للأنروا في لبنان ودوره في عدم تفعيل ديناميات استثنائية للتعامل مع أزمة الكوفيد 19 وتداعياتها السوسيو-اقتصادية وبطريقة شغل مؤسساتية تنتبه لحجم المشكلة وتوظف الإمكانات المناسبة له، لأهمية ذلك نرى ضرورة استعراض الملاحظات التالية:

أولا: في تحليل الأزمة من قبل الأنروا وتداعياتها على المجتمع الفلسطيني:

ان أي مستجد او طارئ والمحدد بأنه مستجد غير عادي أو متوقع، والمصنف في دائرة الكارثة يتطلب اجراء تحليل عميق وشامل من حيث آثاره المباشرة والغير مباشرة لا سيما تلك التي تؤثر على المدى المتوسط والطويل. في هذا السياق لم نلمس أو نرى أي تحليل علمي واضح وشامل ويستند إلى دراسات واحصائيات ميدانية، وفي حالة أجابت الأنروا بدحض هذا الرأي أو الادعاء، وبأنها عملت على إجراء دراسات فإن هذه الدراسات أو الإحصائيات في حال أنها وجدت ظلت في أدراج الأنروا.

ثانيا: في تحديد الأهداف ارتباطاً باستثنائية المرحلة:

إن الأهداف التي وضعت ما قبل الأزمة لم تعد صالحة بحكم أن هناك أزمة من نوع الكارثة، وبالتالي كان يجب تحديد الأهداف التي تتعامل مع التداعيات بهدف مواجهتها وحماية المجتمع الفلسطيني من أضرارها، بالحد الأدنى أهداف تقود إلى خطط تؤدي إلى حد أدنى من الخسائر.

ثالثا: في بناء خطة مواجهة للأزمة من قبل الأنروا في التعامل مع تداعياتها:

باستثناء إعادة هيكلة نظام العمل وإجراءات الوقاية الداخلية طبقاً لمرتبات التعبئة العامة والإغلاق إضافة إلى إجراءات التعليم عن بعد، وإيجاد مراكز غير مفعلة للحجر الصحي، ناهيك عن المساعدة المالية التي قدمت للأسر الفلسطينية لمرة واحدة، لم تقدم الأونروا أي خطة للتعامل مع التداعيات الفورية والمستقبلية، أكان الأمر على المدى المباشر أو المتوسط.

رابعا: في مأسسة عملية التعاون والتنسيق بين كل الفاعلين

كان المطلوب من الأنروا وما يزال، وبحكم أنها ببعدها الدولي وقدراتها المؤسساتية، أن تعمل على التأطير المؤسساتي لعملية التعاون والتنسيق بين الدولة والأنروا والأطر الفلسطينية من جهة، وبين الأنروا والفاعلين الفلسطينيين من جهة ثانية. الاجتماعات الدورية التي تجري من فوق، والبيانات التي تصدر عن هذه الاجتماعات، هي غير كافية ما لم تقرن بتحديد البرنامج المباشر وعلى المدى المتوسط وبخطة عمل وبرنامج مهمات يتم التنسيق على قاعدة توزيع المسؤوليات وتحمل الأعباء.

اخيراً وليس اخراً ، كان المطلوب من الأنروا منذ الأيام الأولى للأزمة أن تستشرف القادم من الأيام والأشهر وما يحمل، وأن تجيب على قاعدة بديهية (تحليل الواقع، تقدير الموقف، تحديد ماذا نريد، كيف نصل إلى ما نريد)، وأن تعمل على تعبئة الموارد والجهود، وتفعيل درجة عالية من التنسيق ضمن خطط طواري صحية، اجتماعية، اقتصادية وتربوية، غير أنها لم تقدم على ذلك، وبناء عليه كان يجب الخروج إلى نظرية تقول بأنها أي الأنروا وتحديداً ادارتها بشخص مديرها العام  (لا تعرف أو لا تريد أن تعرف، أو تعرف ولا تريد أن تتصرف).

إن ما تقدم يجب أن يقرأ من زاوية حسن الظن لا من زاوية الرغبة في انتقاد الأنروا، والعكس صحيح تماماً، ان ما تقدم يؤكد على دور الأنروا وأهميته، لكنه في ذات الوقت يبحث عن ممارسة نقد المرحلة بأعلى قدر من المسؤولية، وهو موقف يؤمن بأن هناك الكثير من المهمات التي يتحملها الجميع وفي المقدمة منهم الأنروا كمنظمة دولية مفوضة، وبأن هناك الكثير من إمكانات الفعل للخروج أقله بالحد الأدنى من الخسائر.

زر الذهاب إلى الأعلى