زراعة السطوح

سطوح خضراء في عين الحلوة مشروع فريد من نوعه

العربي الجديد - انتصار الدنان

زراعة السطوح في مخيم عين الحلوة، في مدينة صيدا الجنوبية، مشروع فريد من نوعه في لبنان، إذ يستخدم الخيم البلاستيكية فوق السطوح. وهو يهدف إلى تمكين الأسر من توفير دخل إضافي، وتأمين منتجات زراعية صحية عضوية.

وفاء عيسى، مديرة مشروع التعاونيات النسائية في المخيم، تقول لـ”العربي الجديد”: “كانت فكرة مشروع زراعة السطوح فكرة التعاونيات النسائية، التي تعمل في المربيات، والمخللات، وهذه المخللات يجب أن تتمتع بمعايير معينة، إذ يجب أن تكون خالية من المواد الكيميائية، وكنا من أجل ذلك نبحث عن مصدر النبتة حتى نتأكد من سلامة المنتجات، فإذا كانت الثمار قد تعرضت للمواد الكيميائية يختلف طعم المخلل المنتج منها عن الخالي، كما لا يدوم طويلاً، ومن هنا جاءت فكرة الزراعة على السطوح في بيوت بلاستيكية”.

تتابع: “هذا المشروع كانت قد بدأت بتنفيذه مؤسسة الكرامة، بفلسطين، منذ عشر سنوات. والمشروع عبارة عن زراعة السطوح، تحديداً من خلال مواسير بلاستيكية تغطيها الخيم. كنت قد اطلعت على المشروع من خلال موقع فيسبوك، وتواصلت مع المؤسسة للتعرف إلى آلية العمل، طوال سنة كاملة. اتفقنا معها على أن يأتي أفراد منها إلى لبنان لتدريب النساء المشاركات في المشروع لكن لم تسمح لهم سلطات الاحتلال بالسفر”.

تتابع أنّ التعاونيات تمكنت من تجاوز هذه العقبة، واعتمدت على الإنترنت للتدريب. وكانت الفكرة أن تشارك فيه نساء مسنات، خصوصاً أنّ الفلسطينيين الذين جاؤوا إلى لبنان في معظمهم فلاحون، والنساء كن بمعظمهن يزرعن الأرض، وهكذا كان المشروع فرصة لإعادة ربط النساء بالزراعة. تضيف: “واجهتنا مشكلة، إذ لا بدّ من أن تكون الزراعة على السطوح، والبناء في المخيم هو عمودي، ويصعب على المسنات تسلق السلالم خصوصاً أنّ المزروعات تحتاج إلى عناية يومية، وهكذا أدخلنا رجالاً في المشروع ليصبح العدد أربع نساء وستة رجال”.

تتابع: “أطلقنا المشروع مع جمعية ناشط، وفي المرحلة الأولى أي في السنوات الثلاث الأولى إنّ الخيم تقدّمها الجمعية وتبقى ملكيتها لها، حتى نتأكد من جدية العاملين في المشروع، بينما ستكون المحاصيل الزراعية للفلاحين. من جهتنا، نمول المشروع بالشتل، بحسب الموسم”.

عن الصعوبات اللوجستية، تقول: “واجهتنا صعوبات عدة، فعندما حاولنا إدخال المواسير الحديد والبلاستيك والخزانات كان لا بد من الاستحصال على ترخيص من استخبارات الجيش اللبناني، وبعد إدخالها وتركيبها قمنا بتصويرها حتى يتأكدوا من أنّها من أجل الخيام فقط. أما في عملية نقل التراب فلم تواجهنا صعوبة، إذ إنّ الكميات التي أدخلناها قليلة ولا شبهة في أن تكون للبناء مثلاً”.

تتابع عيسى: “زرعنا في 52 ماسورة، ومن شروط الخيم أن تكون مواجهة للشرق، وفي كلّ خيمة وضعنا سبع مواسير، وفي الماسورة الواحدة سبع شتلات. في البداية زرعنا الخيار، وكلّ شتلة حملت كيلوغرامين اثنين منه”. تضيف: “شراء الشتل يحتاج إلى عناية كبيرة وبحث طويل، إذ قد تكون تعرضت لكميات كبيرة من المواد الكيميائية، وهذا يؤثر في الإنتاج ويضرب الفكرة التي من أجلها كان مشروعنا، بالإضافة إلى أن ذلك قد يؤذي ذلك التراب، فتنتشر الحشرات ويموت الشتل”.

يحظى المشروع بمتابعة المهندسة الزراعية، أماني داغر، التي تدرب النساء المشاركات أيضاً في كيفية التعامل مع النبتة، ومع الحشرات. تقول عيسى: “المبيدات ممنوعة في المشروع، وحتى التراب له مواصفات محددة فلا نستخدم أيّ أسمدة حيوانية قبل معالجتها. كذلك، لا نزرع في الأوعية البلاستيكية، فهي غير مخصصة للزراعة الطويلة الأمد، إذ يتحلل البلاستيك فيها بعد ثلاثة أشهر، وفي هذه الحالة يتعرض النبات للأذى. في كلّ الأحوال يتعاون المشروع مع مؤسسة لاش، وهذه المؤسسة مهتمة جداً بعدم استخدام المواد الكيميائية في الزراعة. مواصفات المواسير البلاستيكية التي نستخدمها في الزراعة مختلفة عن الأوعية، فالمواسير تخدم مدة خمسة عشر عاماً، والتربة تخدم سنة كاملة لكن بعد ذلك نعرضها للشمس، ونحفرها، ونسمدها مع تهويتها، فتعود صالحة للاستخدام”.

تختم عيسى: “وصلتنا بذور من رام الله غير معرضة للمواد الكيميائية، ونحن بدورنا سنزرعها. إنتاجنا الحالي يتركز على الخيار، والبندورة (طماطم) والفاصولياء، والفريز (فراولة). نزرع الخيم بنوع واحد بحسب الموسم، كي نتمكن من السيطرة على انتشار الحشرات، إذ إنّ كلّ نوع من الخضار تجتاحه حشرات مختلفة عن النوع الآخر”.

زر الذهاب إلى الأعلى