غير مصنف

تقليصات “أونروا”.. “ابتزاز سياسي” يؤِّرق اللاجئين

تقليصات “أونروا”.. “ابتزاز سياسي” يؤِّرق اللاجئين

رام الله – وكالات
بحجة “العجز المالي” تزيد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) يوماً بعد يوم معاناة نحو مليون لاجئ فلسطيني في 24 مخيماً بالضفة الغربية، حيث أدى تقليص الوكالة لعملها إلى تأثيرات سلبية شديدة طالت جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية لآلاف اللاجئين.
فعلى الصعيد التعليمي، تمثلت آخر نتائج هذا العجز في فصل 158 معلما يشتغلون بمدارس الوكالة، في خطوة يرى البعض أنها “خطة ممنهجة” لإنهاء دور “أونروا” سياسيا أكثر منه عجزا ماليا تدعيه في ظل الإجراءات الأميركية و”الإسرائيلية” الساعية لإلغاء حق عودة اللاجئين وطمس القضية الفلسطينية.
في العشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، غادر اللاجئ جمال جبريني (52 عاما) كعادته مدرسة مخيم بلاطة شرق نابلس، ليعود في اليوم التالي فيجد أنه قد فصل من وظيفته مع 12 من زملائه المعلمين بعد أكثر من ثلاثة عقود قضاها في وظيفته.
يقول جبريني إن حياة القهر التي يعيشها بمخيمه بلاطة -أكبر مخيمات الضفة (30 ألف نسمة) وأعلاها بطالة وفقرا (54%)- تجعله يرفض كل ما ينتقص من كرامته ويحاربه وأطفاله الخمسة في لقمه عيشه، لكنه يضيف أن معاناته زادت بعدما منعت “أونروا” المساعدات العينية التموينية التي باتت مقتصرة على أناس بعينهم صنفتهم الوكالة تحت “خط الفقر”.
محطة
وبدورها تحكي انتصار منصور (58 عاما) عن وقع قرار الفصل بعدما أفنت 38 عاما من عمرها في التعليم، سيما وأنه جاء قبل سنتين من إنهاء خدمتها بشكل رسمي وقانوني، وكأنها تكافأ بالفصل والعقاب على ذنب لم تقترفه.
بعد وفاة زوجها أضحت السيدة المنحدرة من مخيم الفارعة للاجئين شمال نابلس العائل الوحيد لأبنائها الستة “ثلاثة منهم بالجامعة” وتقول لـ “الجزيرة نت” إن “أونروا” فصلتهم وتساومهم على مستحقاتهم المالية.
يزيد من قلق جمال وانتصار كبر سنهما وافتقارهما لأي حرفة أو عمل غير الوظيفة، والأسوأ أن أمل الحياة “على بؤسها” صار معدما داخل المخيمات التي لم تعد “محطة انتظار” للعودة يعمل العالم بأسره على وأدها سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.
بؤس
يقول رئيس لجنة الخدمات بمخيم بلاطة أحمد ذوقان لـ”الجزيرة نت” إن فصل المعلمين “تخريب” وإنهاء العملية التعليمية للاجئين، حيث سينجم عنه دمج الصفوف وارتفاع أعداد الطلاب فيها، وزيادة حصة المعلم التدريسية على حساب التخصص والكفاءة وحاجة التلاميذ الذين يقتربون من خمسين ألفا بمخيمات الضفة.
وهو الحال ذاته لبرنامج الشؤون الاجتماعية (المساعدات التموينية) التي تناقصت كما ونوعا، وتراجعت عن عموم اللاجئين لتقتصر على الحالات “الأشد فقرا” حيث يوضح ذوقان أن “نحو سبعين ألف حصة تموينية تراجعت لأقل من النصف”.
وكذلك الحال للخدمات الصحية، إذ تراجعت نسبة التغطية للتحويلات الطبية لـ 50% بعد أن كانت 75% لمعظم اللاجئين، وتركزت على الفقراء والحالات الطارئة، كما تهدد “أونروا” بإغلاق مشفاها الوحيد بالضفة في قلقيلية.
كل ذلك “البؤس” يُرى بالعين داخل المخيمات، فضيق الأزقة وتكدس البناء وتدفق مياه الصرف الصحي للشوارع وسوء النظافة يعكس حجم المأساة وتشابهها، يضاف إلى ذلك أن “العمر الافتراضي” للمخيم قد انتهى زمنا ومكانا دونما أن يحقق أمل اللاجئين بالعودة لأرضهم أو حتى بعيش كريم في مخيماتهم.
بل صارت أبسط حقوقهم مهددة، فكل تلك المآسي باتت تتهدد السلم الأهلي، وفق ما يقول مدير عام المخيمات بالضفة ياسر أبو كشك فـ “صار اللاجئ يستجدي أي حياة بدلا من مطالبته بحقه بالعودة لأرضه والتعويض عن قهره ومعاناته” وأصبح ملزما بتحمل نتائج تملص “أونروا” وتقليصاتها.
ابتزاز
لكن مأساة اللجوء تجاوزت المخيم لتمس حق اللاجئ بالعودة “والمساومة” عليه سياسيا، وأن التذرع بالعجز المالي وعدم دفع أميركا التزاماتها يعد “ابتزازا سياسيا” يدفع اللاجئين للتصعيد ميدانيا، خاصة وأنه يتزامن و”صفقة القرن” الهادفة لهدم القضية الفلسطينية برمتها.
ومقارنة بمحطات الانتظار (المخيمات) يعيش المستوطنون حياة فارهة فوق أراضي اللاجئين المحتلة وتقدًم لهم كل الخدمات ويتلقون دعما خارجيا “منقطع النظير” في الوقت الذي ترفض فيه أميركا
الإيفاء بالتزاماتها المالية لأونروا.
ونتيجة لـ “سرقة” المشروع الوطني الفلسطيني بأكمله، ينعم المستوطنون الآن بأراضي اللاجئين وممتلكاتهم، كما يقول وزير هيئة الجدار والاستيطان وليد عساف، بينما يُحرم اللاجئون أبسط حقوقهم في العيش الكريم.
ويطالب عساف بعودة اللاجئين الفلسطينيين لأرضهم، وإعطائهم أبسط حقوقهم كلاجئين وفق قرارات الأمم المتحدة.

زر الذهاب إلى الأعلى